زوال الغابات الجبلية يتسارع بوتيرة مقلقة

زوال الغابات الجبلية يتسارع بوتيرة مقلقة

تتسبب أنشطة استغلال الغابات والحرائق والزراعة بزوال غابات الجبال بوتيرة متسارعة، على ما أظهرت دراسة حديثة دق معدوها ناقوس الخطر بشأن تفاقم الوضع في هذه المناطق الحيوية في العالم.

تُعدّ الجبال موطناً لـ85% من الطيور والثدييات والبرمائيات في العالم، خاصة في الغابات، ما يجعل فقدانها ينذر بالخطر على التنوع البيولوجي، وفقا لفرانس برس.

وغطت الغابات الجبلية 1,1 مليار هكتار من مساحة الكوكب في عام 2000، بحسب معدي هذه الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "وان إيرث".

لكن ما لا يقل عن 78,1 مليون هكتار، أو 7,1 % من المساحة الإجمالية، زال بين عامي 2000 و2018، بحسب خلاصات توصل إليها الباحثون باستخدام بيانات الأقمار الصناعية.. هذه الأراضي الحرجية التي زالت تتخطى مساحة ولاية تكساس الأمريكية.

وبحسب الدراسة تتسارع وتيرة فقدان هذه الغابات، فقد كانت الخسائر الأخيرة أكبر بـ2,7 مرة مما كانت عليه في بداية القرن الحالي.

وحذر معدو الدراسة خصوصاً من أن المناطق الأكثر تضرراً (42% من الإجمالي)، التي تشهد أيضاً التسارع الأكبر، هي الغابات الجبلية الاستوائية، التي تزخر بالتنوع الحيوي وتستضيف أجناسا كثيرة مهددة بالانقراض.

وقال الباحث المشارك في الدراسة زينزونغ تسنغ إن "الخسائر المسجلة في جبال الغابات في المناطق الاستوائية تتزايد بسرعة كبيرة، أكثر من المناطق الأخرى"، وبما أن "التنوع البيولوجي غني جداً في هذه الأماكن، فإن التأثير هائل".

ولاحظ الباحثون أن العلوّ الكبير والمنحدرات الشديدة حدّت تاريخياً من الاستغلال البشري لهذه الغابات، لكن منذ مطلع القرن الحالي، أصبحت هذه المناطق مستهدفة بشكل متزايد من أجل الأخشاب والزراعة.

ويُعتبر قطع الأشجار مسؤولاً عن 42% من خسارة الغابات الجبلية، تليها حرائق الغابات (29%)، والزراعة المتنقلة (15%)، والزراعة الدائمة أو شبه الدائمة (10%)، بحسب الدراسة.

وتتضمن الزراعة المتحركة تطهير الأرض واستخدامها لبضع سنوات قبل التخلي عنها حتى تصبح خصبة مرة أخرى.

وأوضح زينزونغ تسنغ أن “العوامل تختلف باختلاف المناطق”، وقال: "في المناطق الشمالية، السبب يرتبط بتغير المناخ، لأنّ هناك ارتفاعاً في درجات الحرارة"، خصوصاً في القطب الشمالي، ما يسرّع اندلاع الحرائق.

وشدد على "أننا بحاجة إلى الحد من استخدام الوقود الأحفوري لإبطاء تغير المناخ".

 مناطق محمية 

يُعدّ التوسع في الزراعة أهم عامل للخسائر المسجلة في جنوب شرق آسيا.

ويقول زينزونغ تسنغ: "يزرع الناس المزيد من أشجار المطاط أو نخيل الزيت للحصول على منتجات أكثر"، وهم "بحاجة إلى المزيد من الأراضي لزراعة الذرة وإطعام دواجنهم".

وتنتشر أنشطة الزراعة المتحركة بشكل رئيسي في إفريقيا وأمريكا الجنوبية.

وبحسب الدراسة، فإن فقدان الغابات الجبلية يُسجّل بوضوح أكبر في آسيا، حيث تبلغ المساحة المعنية 39,8 مليون هكتار، أو ما يزيد قليلاً على نصف المساحة الإجمالية للغابات المفقودة.

كما تكبدت أمريكا الجنوبية وإفريقيا وأستراليا وأوروبا خسائر كبيرة على هذا الصعيد.

ويوضح الباحث: "بالنسبة للمناطق الاستوائية، يحتاج الناس للعيش مع الغابة، وليس قطعها".

في بعض المناطق، لاحظ العلماء عودة أنواع محلية إلى النمو، لكن هذا المنحى ليس دائماً، كما أنه لا يعوّض بأي شكل من الأشكال الخسائر، وفق شينيوي هي، المشاركة أيضاً في إعداد الدراسة.

وتؤكد الباحثة ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على الغابات مع المزيد من الضوابط والقواعد.

وتقول: "إن إنشاء مناطق محمية يمكن أن يساعد في تقليل الخسائر".

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

دراسات وتحذيرات

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، ​أنطونيو غوتيريش​، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء ​الفيضانات​ والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات​"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية